ما هو الفن التشكيلي:
هو كل شيء يؤخذ من طبيعة الواقع . ويصاغ بصياغة جديدة . أي يشكل تشكيلاً جديداً.
وهذا ما نطلق عليه كلمة (التشكيل) .
والتشكيلي: هو الفنان الباحث الذي يقوم بصياغة الأشكال .آخذاً مفرداته من محيطه. ولكل إنسان
رؤياه ونهجه، لذا تعددت المعالجات بهذه المواضيع ، مما أضطر الباحثون في مجالات العطاء الفني أن يضعوا هذه النتاجات تحت إطار ( المدارس الفنية).
المدارس الفنية العشر للرسم
( 1 ) المدرسة الكلاسيكية :
( الطراز الأول ) أو الممتاز أو المثل النموذجي ، حيث أعتمد اليونان في فنهم الأصول الجمالية المثالية ، فنرى في منحوتاتهم أشكالا للرجال أو النساء وقد اختاروا الكمال الجسماني للرجال والجمالي المثالي في النساء ، فقد كانوا ينحتون أو يرسمون الإنسان في وضع مثالي ونسب مثالية ، لقد ظهر الرجل في أعمالهم الفنية وكأنه عملاق أو بطل كمال جسماني ، وظهرت النساء وكأنهن ملكات جمال ، فالمفهوم الكلاسيكي كان عندهم هو الأفضل ، بل المثال والجودة ..
ومن أشهر فناني هذه المدرسة الفنان المعروف ( ليوناردو دافنشي ) في فن التصوير والرسم و( مايكل أنجلوا ) في فن النحت والعمارة وغيرهم ، وقد سميت فترة هؤلاء بفترة العصر الذهبي ، واعتبرت أعلى المراحل الفنية في عصر النهضة ، وكان ذلك في القرن السادس عشر ، ومن أشهر أعمال الفنان ليوناردو دافنشي لوحة( الجيوكندا ) أو ما تسمى بالموناليزا ، أما أشهر أعمال مايكل أنجلوا فهو تمثال موسى .
( ديلاكروا ) وهو فنان رومانسي يرى أن على الفنان أن يصور الواقع نفسه من خلال رؤيته الذاتية في حين ذهب كوربيه وهو فنان واقعي إلى ضرورة تصوير الأشياء الواقعية القائمة في الوجود خارج الإنسان ، وأن يلتزم في هذا التصوير الموضوعية التي تنكمش أمامها الصفة الذاتية ، وان يستخدم في هذا التصوير أسلوباً واضحا دقيق الصياغة وأن يختار موضوعة من واقع الحياة اليومية ، فينفذ بذلك إلى حياة الجماهير ، يعالج مشكلاتهم ويبصر بالحلول ، ويجعل من عمله الفني على الإجمال وسيلة اتصال بالجماهير.
( 2 ) المدرسة الرومانسية :
ظهرت المدرسة الرومانسية الفنية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وفسرت إلى حد بعيد ذلك التطور الحضاري في ذلك الوقت، الذي ابتدأ مع تقدم العلم وتوسع المعرفة.
وتعتمد الرومانسية على العاطفة والخيال والإلهام أكثر من المنطق، وتميل هذه المدرسة الفنية إلى التعبير عن العواطف والأحاسيس والتصرفات التلقائية الحرة، كما اختار الفنان الرومانسي موضوعات غريبة غير مألوفة في الفن، مثل المناظر الشرقية، وكذلك اشتهرت في المدرسة الرومانسية المناظر الطبيعية المؤثرة المليئة بالأحاسيس والعواطف، مما أدى إلى اكتشاف قدرة جديدة لحركات الفرشاة المندمجة في الألوان النابضة بالحياة، وإثارة العواطف القومية والوطنية والمبالغة في تصوير المشاهد الدرامية.
ويؤمن فنان الرومانسية بأن الحقيقة والجمال في العقل وليس في العين، لم تهتم المدرسة الرومانسية الفنية بالحياة المألوفة اليومية، بل سعت وراء عوالم بعيدة من الماضي، ووجهت أضواءها على ظلام القرون الوسطى، ونفذت إلى ما وراء أسرار الشرق حيث الخيال والسحر والغموض، حيث تأثر الفنانون الرومانسيون بأساطير ألف ليلة وليلة.
وكان من أهم وأشهر فناني الرومانسية كل من ( يوجيه دي لاكرواه ) و( جاريكو ) فقد صور لاكوروا العديد من اللوحات الفنية ، ومن أشهرها لوحة الحرية تقود الشعب ،وفي هذه اللوحة عبر الفنان عن الثورة العارمة التي التي ملأت نفوس الشعب الكادح ، وصور فيها فرنسا على شكل امرأة ترفع علما ومعها الشعب الفرنسي في حالة اندفاع مثير وبيدها اليسرى بندقة ، وعلى يسارها طفل يحمل مسدسين ، وكأنه يقول لنا أن الغضب يجتاح نفوس عامة الشعب ، ومن أعماله أيضا خيول خارجة من البحر .
أما الفنان (جريكو) فقد صور الكثير من الموضوعات الفنية ، من بينها لوحة كانت سببا في تعريفه بالجمهور ، وهي لوحة غرق الميدوزا ، وهي حادثة تعرضت لها سفينة بعرض البحر وتحطمت هذه السفينة ولم يبق منها سوى بعض العوارض الخشبية التي تشبث بها بعض من بقوا أحياء للنجاة ، ففي هذه اللوحة صور الفنان صارع الإنسان مع الطبيعة .
( 3 ) المدرسة الواقعية :
جاءت المدرسة الواقعية ردا على المدرسة الرومانسية ، فقد أعتقد أصحاب هذه المدرسة بضرورة معالجة الواقع برسم أشكال الواقع كما هي ، وتسليط الأضواء على جوانب هامة يريد الفنان إيصالها للجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه دون غرابة أو نفور .
فالمدرسة الواقعية ركزت على الاتجاه الموضوعي ، وجعلت المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات فصور الرسام الحياة اليومية بصدق وأمانة ، دون أن يدخل ذاته في الموضوع ، بل يتجرد الرسام عن الموضوع في نقلة كما ينبغي أن يكون ، أنه يعالج مشاكل المجتمع من خلال حياته اليومية ، أنه يبشر بالحلول .
لقد اختلفت الواقعية عن الرومانسية من حيث ذاتية الرسام ، إذ ترى الواقعية أن ذاتية الفنان يجب أن لا تطغى على الموضوع ، ولكن الرومانسية ترى خلاف ذلك ، إذ تعد العمل الفني إحساس الفنان الذاتي وطريقته الخاصة في نقل مشاعره للآخرين .
أن المدرسة الواقعية هي مدرسة الشعب ، أي عامة الناس بمستوياتهم جميعا ، ويصفها عز الدين إسماعيل عندما يتحدث مقارنا فنانا رومانسيا بفنان واقعي قائلا : كان
ويعتبر الفنان كوربيه من أهم أعلام المدرسة الواقعية فقد صور العديد من اللوحات التي تعكس الواقع الاجتماعي في عصره ، حيث أنه أعتقد أن الواقعية هي الطريق الوحيد لخلاص أمته والجدير بالذكر أن الفنان كوربيه فنان فرنسي ريفي بدأ حياته بتصوير حياة الطبقات الغنية ثم سار على النهج الباروكي في الفن ، وهو فن أهتم بتصوير حياة الطبقات الغنية ، ثم سار على نهج الرومانسيين ، وفي عام 1848 م بدأ يفكر في ترك الحركة الرومانسية ، بعد أن أقتنع أنها هرب من الواقع ولجوء إلى الخيال والذاتية ، إذ يقول أنني لا أستطيع أن ارسم ملاكا ؛ لأنه لم يسبق لي أن شاهدته ).
وعلى أية حال فقد صور الفنان كوربيه العديد من الأعمال الفنية ومن أشهرها لوحة ( المرسم ) ولوحة (الجناز ) وهي من أشهر أعماله إذ صور فيها جنازة لشخص وفي الجنازة صورة لكلب المتوفى ، وكأنه يحس بالحزن ، وقد وقف مع المشيعين وكأنه يشيع صاحبه ، فالصورة تعكس واقعية صادقة لذلك المشهد .
وكذلك يعد الفنان ( كارفاجيو ) فنانا واقعيا ، والجدير بالذكر أن الفنان ( كارفاجيو ) إيطالي الجنسية ، ظهر في القرن السادس عشر ، في فترة سابقة لعصر كوربيه ، ومن أشهر لوحاته (العشاء ) ويشاهد بها مجموعة من الأشخاص ، وقد أمتاز أسلوبه بتوزيع الأضواء الصناعية في اللوحة .
( 4 ) المدرسة التأثيرية أو الانطباعية :
ويحاول رسامو الانطباعية تقليد الضوء عندما ينعكس على أسطح الأشياء، ويحققون ذلك باستخدام الألوان الزيتية في بقع منفصلة صغيرة ذات شكل واضح، بدلاً من خلطه على لوحة الألوان، وفضَّل الانطباعيون العمل في الخلاء لتصوير الطبيعة مباشرة، وليس داخل جدران المرسم، وأحياناً كانوا يقومون برسم نفس المنظر مرات عديدة في ظروف جوية مختلفة، لإظهار كيف تتغير الألوان والصفات السطحية في الأوقات المختلفة.
ومن أشهر رسامي الانطباعية "أوجست رينوار" و"بول سيزان" الفرنسيان "رينوار" أظهر براعة فائقة في رسم الطبيعة تحت الضوء الدافئ وخاصة التغيرات الدقيقة في المناخ وتأثير ضوء الشمس على الأجسام والأشكال والزهور، ويبدو هذا واضحاً في لوحاته "في الشرفة" التي رسمها عام 1879م. أما "سيزان" فقد أظهر فهماً وتقدير للألوان بكل ثرائها وشدتها اللونية مثل لوحة "زهور الأضاليا في إناء" عام 1875م.
ولقد أعتقد الانطباعيون أن الخط في الرسم من صنع الإنسان ، إذا لا وجود للخط في الطبيعة ، وألوان المنشور كما هو معروف هي : البنفسجي والنيلي ، والأزرق والأخضر والأصفر والبرتقالي والأحمر .
وكانت ألوان الانطباعيين نظيفة نقية صافية ، عنيت بتسجيل المشاهد بعين عابرة ولحظة إحساس الفنان في مكان وزمان واحد ، إذ أن الفنان الانطباعي يقوم بتسجيل مشاهداته وانطباعاته في فترة معينة من الزمن ، كما يلتقط المصور الفوتوغرافي صورة لشيء ما في لحظة معينة من النهار ، لقد عني التأثيرين بتصوير الأشكال تحت ضوء الشمس مباشرة وخاصة لحظة شروق الشمس ، فظهرت لوحاتهم متألقة بالألوان الجميلة.
لقد عنيت الانطباعية بتسجيل الشكل العام ، فالتفاصيل الدقيقة ليست من أهدافها بل يسجلون الانطباع الكلي عن الأشياء ، بطريقة توحي للمشاهد انه يرى الأجزاء رغم أنها غير مرسومه ،مما يزيدها سحرا وجمالا وجاذبية من قبل المشاهد . ومن مميزات الانطباعية أيضا عدم الاهتمام بالناحية الموضوعية للوحة ، إذ تمتزج الأشكال في اللوحة فتصبح كلا ، وان البعد في اللوحة يأخذ امتداد واحدا ، وكما ذكرنا فالضوء في اللوحة هم أهم العناصر البارزة ، ومما هو جدير بالذكر ان الانطباعية قد انبثقت من الواقعية ، لكن ضمن إطار علمي مختلف ، فهي تصور الواقع لكن بألوان تعتمد على التحليل العلمي .
بقي أن نذكر جانبا هاما هو الأساليب التي ظهرت في هذه المدرسة ، إذا ظهرت فيها أساليب تؤمن بنفس النظرية ، لكن التنفيذ يختلف من فرد لآخر ، فالتأثيرية لها أساليب ثلاثة :
الأسلوب التنقيطي :وهو أسلوب يتبع برسم اللوحة بكاملها عن طريق النقاط الملونة المتجاورة ، ويشبه هذا الأسلوب إلى حد كبير المشاهد التي نراها على شاشة التلفزيون الملون عندما تتحول الصورة إلى نقط نتيجة لعدم ضبط الهوائي أو لبعد محطة الإرسال ورداءه الأحوال الجوية.
الأسلوب التقسيمي : ويعتمد هذا الأسلوب على تقسيم السطوح إلى مجموعة ألوان متجاورة صريحة دون أن يمزج الألوان أو يخلطها ، فالأصفر هو الأصفر والأزرق والأحمر ، وهكذا فالمهم لا يرسم بالألوان الأساسية نقية صافية .
ج- تعني برسم الأشكال أكثر من مرة في لحظات متغيرة من النهار ، كأن يرسم الفنان منظراً للطبيعة في الصباح ، ثم يعود ليرسمه في الظهيرة ، ثم يرسمه في المساء عند غروب الشمس .
( 5 ) المدرسة الوحشية :
المدرسة الوحشية اتجاه فني قام على التقاليد التي سبقته ، وأهتم الوحشيون بالضوء المتجانس والبناء المسطح فكانت سطوح ألوانهم تتألف دون استخدام الظل والنور ، أي دون استخدام القيم اللونية ، فقد اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون ، ثم اعتمدت هذه المدرسة أسلوب التبسيط في الإشكال ، فكانت أشبه بالرسم البدائي إلى حد ما ، فقد اعتبرت المدرسة الوحشية إن ما يزيد من تفاصيل عند رسم الأشكال إنما هو ضار للعمل الفني ، فقد صورت في أعمالهم صور الطبيعة إلى أشكال بسيطة ، فكانت لصورهم صلة وثيقة من حيث التجريد أو التبسيط في الفن الإسلامي ، خاصة أن رائد هذه المدرسة الفنان (هنري ماتيس ) الذي استخدم عناصر زخرفيه إسلامية في لوحاته مثل الأرابيسك أي الزخرفة النباتية الإسلامية .
أما سبب تسمية هذه المدرسة بالوحشية فيعود إلى عام 1906 م ، عندما قامت مجموعة من الشبان الذين يؤمنون باتجاه التبسيط في الفن ، والاعتماد على البديهة في رسم الأشكال قامت هذه المجموعة بعرض أعمالها الفنية في صالون الفنانين المستقلين ، فلما شاهدها الناقد ( لويس فوكسيل ) وشاهد تمثلا للنحات (دوناتللو ) بين أعمال هذه الجماعة التي امتازت بألوانها الصارخة ، قال فوكسيل دوناتللو بين الوحوش ، فسميت بعد ذلك بالوحشية ، لانها طغت على الأساليب القديمة ، مثل التمثال الذي كان معروضا حيث أنتج بأسلوب تقليدي قديم، ويعد الفنان ( هنري ماتيس ) رائدا وعلما من أعلام هذه المدرسة ثم الفنان ( جورج رووه ).
( 6 ) المدرسة التعبيرية :
قبل أن نتحدث عن المدرسة التعبيرية يجدر بنا أن نتطرق إلى ثلاثة من أهم الفنانين الذين كانوا مرحلة في حد ذاتهم وخاصة بعد المدرسة التأثيرية ، فلو تأملنا أعمالهم فإننا نرى فيها صفات التأثيرية ، ولكننا إذا أمعنا النظر فإننا نرى أعمال هؤلاء تختلف عن أصحاب المذهب التأثيري أو الانطباعي ، ويجدر بنا أن نذكر أسماء هؤلاء الثلاثة وهو (بول سيزان ) و(فان جوخ) و(بول جوجان ) فالذي يريد أن يتعرف شخصية الفن المعاصر في بداية القرن العشرين عليه أن يتعرف على الشخصيات الثلاث ، لقد أبتعد هؤلاء عن المدرسة التأثيرية فصاروا مرحلة سميت ما بعد التأثيرية ، وقد مهدت هذه المرحلة لظهور المدرسة التعبيرية والوحشية على حد سواء على أيه حال كان سيزان أبا للفن الحديث في القرن العشرين ، لقد كان تمهيدا للعديد من الحركات الفنية ، ولكن أوضحها هو التكعيبية التي تظهر في أسلوبه ، وقد مهد (فان جوخ) للمدرسة التعبيرية ، كما مهد ( بول جوجان ) الطريق للمدرسة الوحشية باعتماده على الحس الفطري في رسم الأشكال ، والآن وقد عرفنا شيئا عن بعض الفنانين الذين أثروا في القرن العشرين علينا أن نعود إلى المدرسة التعبيرية ، بعد أن عرفنا أن الفنان (فان جوخ ) هو الذي مهد الطريق لظهور مثل هذه المدرسة ، فالتعبيرية مدرسة اتجاه فني يرتكز على تبسيط الخطوط والألوان لقد خرجت هذه المدرسة عن الأوضاع الكلاسيكية التي تقوم على تسجيل معالم الجسم بل الطبيعة ، تسجيلا دقيقا ، سواء في الخط ، كما ذكرنا ، أو في تلوين الأشكال فقد ركزت على دراسة الأجسام ورسمها والمبالغة في انحرافات بعض الخطوط أو بعض أجزاء الجسم وحركته ، وهي بهذا تقترب في بعض الأحيان من الكاريكاتير .
ثم اعتمدت هذه المدرسة على إظهار تعابير الوجوه والأحاسيس النفسية ، من خلال الخطوط التي يرسمها الرسام ، التي تبين الحالة النفسية للشخص الذي يرسمه الفنان ، وقد ساعد على ذلك استخدام بعض الألوان التي تبرز انفعالات الأشخاص ، بل تثير مشاعر المشاهد للموضوع التعبيري ، إن التعبيرية وجه آخر للرومانسية ، إن المذهب التعبيري يعيد بناء عناصر الطبيعة بطريقة تثير المشاعر والمذهب التعبيري قد صار يعمل على التنظيم والبناء من جديد للصورة الرومانسية ، ولكن في أسلوب تراجيدي يتسم بما تعانيه الأجيال في العصر الحديث من قلق وأزمات .ويعد الفنان فان جوخ أشهر فناني هذه المدرسة والرائد الأول لها ، والفنان (مونخ) والفنان (لوتريك).
( 7 ) المدرسة التكعيبية :
المدرسة التكعيبية هي ذلك الاتجاه الفني الذي أتخذ من الأشكال الهندسية أساسا لبناء العمل الفني إذا قامت هذه المدرسة على الاعتقاد بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصولا للأجسام . اعتمدت التكعيبية الخط الهندسي أساسا لكل شكل كما ذكرنا فاستخدم فنانوها الخط المستقيم و الخط المنحني ، فكانت الأشكال فيها إما أسطوانية أو كرويه ، وكذلك ظهر المربع والأشكال الهندسية المسطحة في المساحات التي تحيط بالموضوع ، وتنوعت المساحات الهندسية في الأشكال تبعا لتنوع الخطوط والأشكال واتجاهاتها المختلفة ، لقد كان سيزان المهد الأول للاتجاه التكعيبي ، ولكن الدعامة الرئيسية هو الفنان ( بابلو بيكاسو ) لاستمراره في تبينها وتطويرها مدة طويلة من الزمن .
كان هدف التكعيبية ليس التركيز على الأشياء ، وإنما على أشكالها المستقلة التي حددت بخطوط هندسية صارمة ، فقد أعتقد التكعيبيون أنهم جعلوا من الأشياء المرئية ومن الواقع شكلا فنيا ، كانت بداية هذه الحركة المرحلة التي بدأها الفنان سيزان بين عامي 1907/1909 وتعتبر المرحلة الأولى من التكعيبية والمرحلة الثانية هي المرحلة التكعيبية التحليلية ، ويقصد بها تحليل الأشكال في الطبيعة وإعادة بناءها بطريقة جديدة وقد بدأت هذه المرحلة عام 1910 / 1912 م إذ حلل الفنان فيها أشكاله بدقة ، وأظهر أجزاء الأشكال بأسلوب تكعيبي .
وتمثل المرحلة الثالثة الصورة الموحدة التكوين ، وتبدأ من عام 1913 / 1914 م وركزت على رسم وموضوع مترابط وواضح المعالم من خلال الخطوط التكعيبية .
ويعد بابلو بيكاسو أشهر فناني هذه المدرسة ، وكذلك الفنان (براك ) و(ليجرد)وغيرهم وقد صور بيكاسو العديد من اللوحات ، وكان أبرز الفنانين التكعيبيين إنتاجا ، ومن أشهر أعماله ( الجورنيكا ) وهي تمثل المأساة الأسبانية في الحرب العالمية الأولى .
( 8 ) المدرسة التجريدية :
اهتمت المدرسة التجريدية الفنية بالأصل الطبيعي، ورؤيته من زاوية هندسية، حيث تتحول المناظر إلى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر، وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب، أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليست لها دلائل بصرية مباشرة، وإن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية التي مر بها الفنان.
وعموماً فإن المذهب التجريدي في الرسم، يسعى إلى البحث عن جوهر الأشياء والتعبير عنها في أشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية، التي أثارت وجدان الفنان التجريدي. وكلمة "تجريد" تعني التخلص من كل آثار الواقع والارتباط به، فالجسم الكروي تجريد لعدد كبير من الأشكال التي تحمل هذا الطابع: كالتفاحة والشمس وكرة اللعب وما إلى ذلك، فالشكل الواحد قد يوحي بمعان متعددة، فيبدو للمشاهد أكثر ثراء.
ولا تهتم المدرسة التجريدية بالأشكال الساكنة فقط، ولكن أيضاً بالأشكال المتحركة خاصة ما تحدثه بتأثير الضوء، كما في ظلال أوراق الأشجار التي يبعثه ضوء الشمس الموجه عليها، حيث تظهر الظلال كمساحات متكررة تحصر فراغات ضوئية فاتحة، ولا تبدو الأوراق بشكلها الطبيعي عندما تكون ظلالاً، بل يشكل تجريدي. وقد نجح الفنان كاندسكي – وهو أحد فناني التجريدية العالميين- في بث الروح في مربعاته ومستطيلاته ودوائره وخطوطه المستقيمة أو المنحنية، بإعطائها لوناً معيناً وترتيبها وفق نظام معين. ويبدو هذا واضحاً في لوحته "تكوين" التي رسمها عام 1914م.
( 9 ) المدرسة السيريالية :
نشأت المدرسة السيريالية الفنية في فرنسا، وازدهرت في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز على كل ما هو غريب ومتناقض ولا شعوري. وكانت السيريالية تهدف إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام. واعتمد فنانو السيريالية على نظريات فرويد رائد التحليل النفسي، خاصة فيما يتعلق بتفسير الأحلام.
وصف النقاد اللوحات السيريالية بأنها تلقائية فنية ونفسية، تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام. وتخلصت السيرالية من مبادئ الرسم التقليدية. في التركيبات الغربية لأجسام غير مرتبطة ببعضها البعض لخلق إحساس بعدم الواقعية إذ أنها تعتمد على اللاشعور.
واهتمت السيريالية بالمضمون وليس بالشكل ولهذا تبدو لوحاتها غامضة ومعقدة، وإن كانت منبعاً فنياً لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها، تحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من الجمهور المتذوق، كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية.
والانفعالات التي تعتمد عليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، إذ أن المظهر الخارجي الذي شغل الفنانين في حقبات كثيرة لا يمثل كل الحقيقة، حيث أنه يخفي الحالة النفسية الداخلية. والفنان السيريالي يكاد أن يكون نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته العضلية وخواطره المتتابعة دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً.
( 10 ) المدرسة المستقبلية :
بدأت المدرسة المستقبلية في إيطاليا، ثم انتقلت إلى فرنسا، وكانت تهدف إلى مقاومة الماضي لذلك سميت بالمستقبلية، واهتم فنان المستقبلية بالتغير المتميز بالفاعلية المستمرة في القرن العشرين، الذي عرف بالسرعة والتقدم التقني. وحاول الفنان التعبير عنه بالحركة والضوء، فكل الأشياء تتحرك وتجري وتتغير بسرعة.
وتعتبر المدرسة المستقبلية الفنية ذات أهمية بالغة، إذ أنها تمكنت من إيجاد شكل متناسب مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه، والتركيز على إنسان العصر الحديث.
وقد عبر الفنان المستقبلي عن الصور المتغيرة، بتجزئة الأشكال إلا آلاف النقاط والخطوط والألوان، وكان يهدف إلى نقل الحركة السريعة والوثبات والخطوة وصراع القوى، قال أحد الفنانين المستقبليين "إن الحصان الذي يركض لا يملك أربعة حوافر وحسب، إن له عشرين وحركاتها مثلثيه". وعلى ذلك كانوا يرسمون الناس والخيل بأطراف متعددة وبترتيب إشعاعي، بحيث تبدو اللوحة المستقبلية كأمواج ملونة متعاقبة.
وفي لوحة "مرنة" للفنان المستقبلي بوكشيوني التي رسمها عام 1912م، يوحي الشكل في عمومه بإنسان متدثر بثياب فضفاضة ذات ألوان زاهية، يحركها الهواء، فتنساب تفاصيلها في إيقاعات حركية مستمرة